«يقتل القتيل ويمشي في جنازته»| شاب يقتل صديق عمره.. وعاد يبحث مع أسرته عنه

«يقتل القتيل ويمشي في جنازته»| شاب يقتل صديق عمره.. وعاد يبحث مع أسرته عنه

كتب / أحمد حافظ

«يقتل القتيل ويمشي في جنازته».. على قدر بشاعة الوصف والتشبيه إلا أنه أقل ما يمكن أن يصف ما أقدم عليه صاحب محل أحذية لعبت بعقله الظنون ودفعته للخلاص من شاب يصغره بنحو سبع سنوات؛ لا لشيء إلا خلاف كان سببه الرئيسي هو المال والتجارة فيه، لكن مشهد النهاية كان أقسى من كل الأوصاف التي يمكن استخدامها لسرد تفاصيل قاتل تربص بضحيته وتجرد من إنسانيته ليلبس قناعًا لا يمت للبشر بصلة وهو يطعن ويسفك الدماء قبل أن يحتال لمحاولة إخفاء جريمته، لكن التمثيلية التي ظن أنه سيخدع الجميع بها لم تنطل على رجال المباحث التي ألقت القبض عليه بعد ساعات من وقوع الجريمة.

داخل القرية المعروفة بـ«سنتريس» على أطراف مركز أبو كبير شمال محافظة الشرقية، وقبل سنوات من كتابة هذه السطور، كانت بداية صداقة اتسعت دائرة الاهتمام بها لتتخطى حدود الإعجاب وتصل إلى حد ضرب الأمثال في الأخوة بين اثنين جمعت بينهما التجارة فيما بعد، لكنها كانت تجارة غير مشروعة وخارج إطار القانون – حسبما دلت التحريات الأمنية – وبين هذا وذاك ظل «عبدالله» و«محمود» صديقان لا يفرقهما شيء رغم مجيئ الثاني إلى الحياة قبل الأول بنحو سبع سنوات.

مرت الصداقة بينهما وزادت الصلة بالتجارة؛ بعدما عرف الصديقان الطريق السهل نحو الإتجار في العملات الأجنبية خارج السوق المصرفية، وفي غضون فترة ليست بالطويلة عرفا طريقهما إلى محطات الثراء السريع، لكن الطريق تعطل فجأة لدى «عبدالله» الذي كان يدرس آنذاك في كلية الحقوق.

عثرات «عبدالله» كانت تتلخص في عدم قدرته على سداد مبلغ من المال يتعلق بتجارته مع صديق عمره، في أزمة عرفت طريقها إلى الانفجار بفعل الاختلاف؛ حين قرر «ميلانو» أن ينهي الأمر أشر نهاية، فراح يُخطط ويُدبر لأجل إنهاء حياة رفيق تجارته وصديق أيامه وسنواته الأخيرة.

الجمعة الأخيرة من الشهر كانت بداية النهاية بين الاثنين؛ إذ هاتف «ميلانو» صديقه واستدرجه بمكرٍ ودهاء إلى مكانه الذي جهزه ليكون مسرحًا لجريمته وهناك وفور وصول الضحية، أجهز الجاني وأنجز جريمته بسلاحه الأبيض (سكين) وراح يطعن في جسد صديقه حتى خارت قواه وفارقت روحه جسده وسقط بين يديه جثةً هامدةً والدماء تسيل أمام أعين صديقه الذي كان أقرب الأقربين له.

بوجهٍ عابث وملامح لا تحمل تأثرًا بما جرى، راح القاتل يُلملم ضحيته ويمسح الدماء التي أغرقت محيط مكان سقوط الجثة على الأرض، قبل أن يُحضر أجولة من تلك التي تُستخدم في جمع بضاعة المتهم من الأحذية التي يبيعها في الحانوت الخاص به الذي يحمل اسم شهرته.

احتاج المتهم ثلاثة أجولة لكي يضع جثمان صديقه داخلها، قبل أن يلف الأجولة وبداخلها الجثة في بطانية حمراء اللون ظنًا منه بأن ذاك سيخفي معالم جريمته، وانتظر دلوف الليل أكثر وهدوء الطرقات لأجل أن يحمل آثار جريمته ويُلقي بالجثة داخل الأجولة والبطانية في مصرف مياه أحد القرى القريبة من بلدته.

عاد «محمود» إلى القرية يتلبس قناع البراءة ويذرف الدموع كلما رأى أحدًا من اهل البلدة أو معارف صديقه «عبدالله» كما لو كان يؤكد لهم أنه أحرص الناس على عودته، وهو قاتله شر قتلة، قبل أن يذيع ذلك في منشور عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي نشر خلاله صورة صديقه المتغيب وعنون الصورة بقوله: «ربنا يرجعك لأهلك ولينا بالسلامة يا رب يا صاحبي».

صدق الجميع أن الصديق يبكي صديقه، وظل على درجته العالية من تمثيل التأثر نحو تسعة أيام كاملة كانت الفترة الزمنية الفارقة بين غياب المجني عليه وتحرير اسرته بلاغ باختفائه حمل رقم 4543 لسنة 2024 جنح مركز شرطة أبو كبير لسنة 2024، وبين كشف استار الجريمة؛ حين عُثر على جثة المجني عليه وانتشلته الجهات المعنية من المياه في حالة يصعب وصفها، قبل أن تتوصل جهود رجال المباحث الجنائية في عدة ساعات إلى أن مرتكب جناية القتل بحق الضحية هو صديقه «محمود ح خ» المعروف بين الجميع بـ «محمود ميلانو»، صاحب السبعة وعشرين ربيعًا الذي يمتلك محل أحذية في القرية ويُعد واحدًا من أقرب الناس للمجني عليه.

جرى ضبط المتهم، وبمواجهته أقر بارتكاب جريمته جراء خلافات بينه و المجني عليه صديقه «عبدالله محمد عبدالمنعم» الطالب في كلية الحقوق صاحب العشرين ربيعًا، موضحًا أنه قد طعن المجني عليه عدة طعنات أودت بحياته، قبل أن يضع الجثة داخل ثلاثة أجولة ويلفها في بطانية حمراء اللون ويلقي بها في مصرف المياة بعيدًا، وبالعرض على النيابة العامة وجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قبل أن تأمر بحبسه على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في الموعد القانوني.

بلاغ الواقعة

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا من مأمور مركز شرطة أبو كبير، يفيد بشأن ما تبلغ للمركز بورود بلاغ من المدعو «محمد عبدالمنعم» 65 سنة، عامل زراعي، مقيم في قرية سنتريس التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة أبو كبير، باختفاء نجله المدعو «عبدالله» طالب في كلية الحقوق جامعة الزقازيق يبلغ من العمر نحو 20 ربيعًا، وذلك منذ نهاية أغسطس المنصرم، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 4543 إداري مركز شرطة أبو كبير لسنة 2024.

بتكثيف الجهود وتشكيل فريق بحث جنائي توصلت التحريات إلى وجود شبهة جنائية في البلاغ؛ حيث تبين أن وراء ارتكاب الواقعة صديق المجني عليه ويُدعى «محمود ح خ» وشهرته «محمود ميلانو» صاحب محل أحذية يبلغ من العمر نحو سبعة وعشرين ربيعًا، ويُقيم في نفس بلدة المجني عليه.

التحريات دلت على أن المتهم قد أنهى حياة المجني عليه بسبب خلافات مالية بينهما حول تجارة العملة خارج السوق المصرفية، حيث استدرجه المتهم وطعنه عدة طعنات بسلاح أبيض «سكين» أودت بحياته، قبل أن يتخلص من الجثة بوضعها داخل ثلاثة أجولة ويلفها في بطانية حمراء اللون ويلقي بها في مياه مصرف في نطاق ودائرة مركز شركة أبو كبير.

جرى ضبط المتهم، فيما تم انتشال الجثمان ونقله إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي في مدينة الزقازيق والتحفظ عليه تحت تصرف النيابة العامة، التي قررت انتداب أحد الأطباء الشرعيين لإجراء الصفة التشريحية وبيان كيفية حدوث وفاة المجني عليه والآداة المستخدمة في الجروح الموجودة في الجثمان، قبل أن تُصرح بدفن الجثمان وتسليمه إلى ذويه لدفنه عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية اللازمة، وأمرت بحبس المتهم على ذمة التحقيقات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock