ماذا يجري خلف الخطّ الأصفر في غزة؟

 

سمير باكير يكتب –
مرّ نحو ٤٤ يوماً على إعلان وقف إطلاق النار في غزة. وبحسب اتفاق الهدنة الذي تمّ بين حماس والاحتلال الإسرائيلي في ١٠ أيار/مايو ٢٠٣٤، كان من أبرز بنوده إنشاء خط أصفر يشكّل المرحلة الأولى من الاتفاق. وعلى الورق، كان من المفترض أن ينسحب الاحتلال حتى هذا الخط خلال ٣ إلى ٧ أيام بعد إتمام تبادل جميع الأسرى والجثامين الإسرائيليين.

وفقاً للاتفاق، يبقى حوالي ٤٥٪ من مساحة قطاع غزة – ومعظمها مناطق زراعية وحدودية باستثناء رفح – تحت سيطرة الاحتلال مؤقتاً، إلى حين بدء المرحلة الثانية وتحديد شكل الحكومة الجديدة في غزة، ليتم بعدها الانسحاب من كامل القطاع.

ورغم أن المناطق الواقعة خلف الخط الأصفر تمثّل نظرياً ٤٥٪ من غزة، إلا أنها في الواقع مناطق خالية من السكان ومُدمَّرة إلى حدّ كبير. وتشير التقديرات إلى أنّ عدد الفلسطينيين المتبقّين هناك لا يتجاوز ٢٠ ألفاً، فيما يسكن بقية سكان القطاع البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة في مناطق اعترفت مصادر إسرائيلية بأنّ حماس استطاعت خلال فترة الهدنة فرض سيطرة مدنية وأمنية تدريجية عليها.

من جانب آخر، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة تسعى لإقامة تجمّعات سكنية مؤقتة في المناطق الخضراء (خلف الخط الأصفر)، تشمل خدمات الإسكان والصحة والتعليم. وستُعرف هذه المناطق باسم “التجمعات الآمنة البديلة”، وسيكون أولها في مدينة رفح التي دُمّرت بشكل شبه كامل. وتعترف الصحيفة بأن الإدارة الأمريكية باتت تقرّ، بشكل غير رسمي، بأن نزع سلاح حماس هدف غير واقعي.

في الواقع، يعكس هذا التقرير وسلوك كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة أنهما باتتا فاقدتين للأمل في نجاح المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي كانت تفترض تشكيل سلطة معادية للمقاومة وتنفيذ خطوة نزع سلاح حماس. لذلك تتجهان اليوم إلى محاولة فرض صيغة جديدة للسيطرة وإعادة تشكيل نمط الحياة في جزء من قطاع غزة.

ومن اللافت أنّ الأميركيين والإسرائيليين لا ينوون الاستعانة بمجموعات خائنة مثل مجموعة “أبوشباب”. فقد كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت:
“إنّ الولايات المتحدة لا تفكر في استخدام الميليشيات لإدارة التجمعات المؤقتة شرق الخط الأصفر، لأن معظم عناصرها مجرمون ولا يملكون القدرة على مواجهة حماس عند الحاجة.”

كما ذكرت صحيفة هآرتص أن رئيس الأركان وجهاز الشاباك أصدروا أوامر بطرد هذه المجموعات المرتزقة مثل “أبوشباب”.

ورغم مرور أكثر من ٤٠ يوماً على تراجع حدة الحرب والقتل الجماعي، فإن الوضع في غزة لم يصل بعد إلى مرحلة استقرار واضحة. فالمعركة الشاملة بين المقاومة وتل أبيب ما تزال مستمرة لرسم ملامح النظام الجديد في القطاع وتركيبته الأمنية والسياسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock