
مستشفى المعلمين بالجزيرة… من معاناة طويلة إلى مشروع تطوير شامل يقوده فكر مختلف
مستشفى المعلمين بالجزيرة… من معاناة طويلة إلى مشروع تطوير شامل يقوده فكر مختلف
كتبت المستشارة/ إسراء اسامه الطماوي
استشاري إدارة المنشآت التعليمية والنمو المستدام
في البداية، لا بد أن نؤكد أن الجهود المصرية في التطوير باتت واضحة في كافة المجالات، في ظل توجه وطني للارتقاء بجودة الخدمات الأساسية ودعم المواطن. وفي هذا السياق، يسعدنا أن نزف خبر بدء تنفيذ مشروع تطوير شامل داخل مستشفى المعلمين بالجزيرة، بعد سنوات من التراجع الذي عانى منه آلاف المعلمين وأسرهم، وتكرار الشكاوى حول ضعف الإمكانات الطبية والبنية التشغيلية.
ومع تزايد الاحتياجات، أدركت نقابة المهن التعليمية أهمية التدخل العاجل واستعادة هذا الصرح الطبي، لتعلن عن مزايدة رسمية تهدف إلى اختيار جهة تمتلك القدرة والرؤية لإعادة تأهيل المستشفى وتشغيله وفق معايير مهنية واضحة. وجاءت رغبة شركة Connex في التقدّم للمشروع خطوة محورية، مُدعّمة بخبرة تشغيلية وخطة تطوير فنية متكاملة.
ولا يمكننا أن نغفل إن القيادة التحويلية لها دور هام في تحويل اي وضع راهن لصورة مستقبلية مختلفة
فكر إداري متطور يقود التحول•
وقد لعب رئيس مجلس إدارة شركة Connex
الدكتور حلمي محمد الطناحي دورًا مركزيًا في تبنّي رؤية إدارية مختلفة، ترتكز على تحويل المستشفى من منشأة طبية تعاني من مشكلات تشغيلية إلى منظومة صحية فعّالة، تعتمد على الكفاءة والجودة والتحسين المستمر. لم يقتصر التفكير على تجميل البنية التحتية، بل وصل إلى بناء نموذج عمل مستدام يواكب المعايير العالمية ويضمن استمرارية التطوير لسنوات قادمة.
كما أسهم المستشار القانوني للشركة الاستاذ محمود عبد العزيز في صياغة الإطار التشريعي للعقد، ووضع اللوائح التي تحفظ حقوق جميع الأطراف، وتضمن شفافية الإجراءات وتطبيق المعايير القانونية في مراحل التنفيذ. وقد حظيت هذه الحوكمة القانونية بثقة النقابة والمعلمين، لما وفرته من حماية وضبط للمخاطر المحتملة.
أسفرت هذه الجهود عن توقيع عقد شراكة يمتد لمدة سبع سنوات، يمثل نقلة نوعية في تاريخ المستشفى. ويعتمد العقد على مراحل تنفيذ واضحة، وخطط تشغيلية مدروسة، ومؤشرات تقييم أداء دقيقة تضمن إنجاز التطوير واستدامته، وتشمل:
إعادة تأهيل البنية التحتية للأقسام الحيوية
تحديث الأجهزة والمعدات الطبية
توفير برامج تدريب مستمر للكوادر الطبية والفنية
تطوير منظومة الاستقبال والطوارئ
تحسين مسارات الخدمة لتسهيل حركة المرضى
رفع جودة التشغيل والإدارة وفق معايير السلامة المهنية
كما تم اعتماد نظام رقابي دوري تشترك فيه النقابة مع فريق التشغيل، بهدف متابعة الأداء وضمان الالتزام بالجدول الزمني.
ويمتد أثر هذا المشروع إلى ما هو أبعد من تحسين جدران وأجهزة؛ إذ ينعكس مباشرة على جودة حياة المعلمين وأسرهم، ويعيد الثقة في المنظومة الصحية التابعة للنقابة بعد سنوات من التراجع. فقد استفاد المعلمون من خدمات أكثر كفاءة، وفترات انتظار أقل، وتعامل طبي أكثر إنسانية واحترامًا، مما أسهم في رفع سقف الرضا العام داخل المجتمع التعليمي.
كما أدّى التطوير إلى تحسين بيئة العمل للأطقم الطبية داخل المستشفى، بدورات تدريبية مهنية، ونظم تشغيل محدثة، وأدوات عمل تضمن سلامة مهنية أعلى. وهذا بدوره جذب كوادر قوية وساعد على تقليل الدوران الوظيفي الذي كان يمثل عائقًا أمام أي منظومة صحية.
على المستوى المؤسسي، ساهم المشروع في استعادة ثقة الرأي العام في قدرة النقابات على إدارة استثماراتها بوعي وشفافية، مما يفتح الباب أمام المزيد من الشراكات المستقبلية التي تخدم النقابة وأعضائها.
وللمجتمع ككل، يعتبر المشروع نموذجًا يمكن تطبيقه في تطوير مستشفيات نقابية أخرى، حيث أثبتت التجربة أن الشراكات الممتدة والرؤية الإدارية الحديثة قادرة على تحويل التحديات إلى نتائج ملموسة، تُرى على أرض الواقع.
وإذا استمر تنفيذ الخطة على هذا النهج، فمن المتوقع أن تصبح مستشفى المعلمين بالجزيرة نقطة ارتكاز صحية داخل القاهرة، تقدم خدمات متقدمة بأسعار تراعي الوضع الاجتماعي للمعلمين، وتوفر مظلة علاجية آمنة لأسرهم.
وعلى المستوى المؤسسي، نجح المشروع في استعادة الثقة في قدرة النقابات المهنية على تنفيذ شراكات استثمارية حقيقية ذات أثر ملموس، الأمر الذي يشجع على تكرار هذا النموذج في منشآت خدمية أخرى.
كما يمثّل المشروع نموذجًا يُحتذى به في التحول من الفكر التقليدي إلى التشغيل المؤسسي القائم على معايير الجودة والاستدامة.
إن ما يحدث اليوم داخل مستشفى المعلمين بالجزيرة يؤكد أن الاستثمار في صحة المعلم ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية. فبفكر إداري متطور، ودعم قانوني محترف، وإدارة نقابية واعية؛ تُكتب اليوم صفحة جديدة في سجل التطوير الخدمي داخل المجتمع المصري.
نسأل الله التوفيق واستمرار هذه التجارب الواعية بما يخدم المعلم ويحفظ كرامته الصحية.




