دور المؤسسات الدينية في إثراء الجانب المعرفي بأهمية التطعيمات الطبية

دور المؤسسات الدينية في إثراء الجانب المعرفي بأهمية التطعيمات الطبية
كتب/ الدكتور سامي خضر

 

في إطار خطة وزارة الاوقاف وتحت رعاية إدارة التوعية المجتمعية وتوجيهات فضيلة الشيخ محمد أبو حطب وكيل الوزارة وبالتنسيق مع الوحدة المحلية لمركز ومدينة ايتاي البارود والإدارة الصحية بايتاي البارود ألقى فضيلة الدكتور سامي خضر مدير الإدارة محاضرة بالندوة التثقيفية على هامش الاجتماع اليوم بالائمة للتوعية بأهمية حملة التطعيم ضد شلل الاطفال.
بدأ الدكتور سامي المحاضرة بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
من الثابت أن الدولة المصرية بمؤسساتها تسير بخطى ثابتة نحو مكافحة الأمراض و الفيروسات ومنها مرض شلل الأطفال من خلال التطعيمات في جميع الأماكن الخاصة بوزارة الصحة المصرية والمنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية بهدف التحصين لأبناء للمجتمع كله ضد الأمراض والفيروسات المتنوعة والتي انطلقت اليوم في جميع أنحاء البلاد.
وهو أمر يجب أن يحمل محل الجد ويجب على الجميع أن يجتهد في القيام بالدور المنوط به للمحافظة على النفس والمجتمع.
وأسرد قائلا التقصير في هذا الأمر يوجب الإثم على صاحبه إذ أن الأخذ بالاسباب واجب شرعا، كما أن الإنسان مأمور بالمحافظة على نفسه ومنهي عن إلحاق الضرر بنفسه أو بغيره.
وقد جاءت الشريعة الإسلامية لتحقيق مصالح العباد ودفع الضرر عنهم، فكل مافيه صلاح الناس وتحقيق مصالحهم فهو مصلحة نافعة شرعا، وكل ما فيه ضرر فهو مفسدة منهي عنها ودفعها مصلحة.
قال ابن القيم رحمه الله، في كتاب “إعلام الموقعين عن رب العالمين “:
“فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي: عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها.
قال تعالى:( رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُو شيء نَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ), ويقول ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
وفي ظل انطلاق فعاليات الحملة القومية للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال ما أحوجنا لمعرفة الحكم الشرعي لإجراء التطعيمات الطبية وكذا معرفة الضوابط الشرعية لاجراءها.
فقد شرع الإسلام التداوي والأخد بكل ما من شأنه المحافظة على الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
قال تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ).
وقال عز وجل: (ولا تقتلوا أنفسكم ), ويقول صلى الله عليه وسلم :(لاضرر ولا ضرار).
ومن هنا فإن إجراء هذه التطعيمات الطبية للأطفال للوقاية من شلل الأطفال أمر واجب شرعا ويجب على جميع الأسر الاستجابة للتطعيم ضد هذا الوباء وياثمون حال تقصيرهم في هذا الأمر بالضوابط الشرعية الآتية:
– ثبوت صلاحية وفاعلية هذه التطعيمات.
-ضرورة عدم وجود ضرر محقق من استخدامها.
-ان يتم اجرائها على أيدي المتخصصين.
-الا تحتوي على اي مواد محرمة شرعا.
وبالمراجعة الطبية تبين ان هذه التطعيمات الطبية قد توافرت فيها كل الضوابط الشرعية السابقة مما يؤكد القول بوجوب اجرائها مرحبا للمحافظة الأطفال من هذا المرض.
وهو ما افتت به دار الإفتاء المصرية، واقره مجمع الفقه الإسلامي من ضرورة الاستجابة لتلك الحملات والمبادرة بالتطعيم باللقاحات المضادة لمرض شلل الأطفال وغيره.
وقد أجاز مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي لولي الأمر ممثلا في الدولة والحكومة -باعتبار أن أوامرها منوطة بالمصلحة إلزام الناس بالتحصينات الوقائية لما فيها من صد للأوبئة ومنع لانتشارها, فقد ورد في الفقرة ب، البند ثالثا من قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: 67 (5/7) عام 1412هـ الموافق 1992م، بشأن العلاج الطبي ما نصه: “يجوز لولي الأمر الإلزام بالتداوي في بعض الأحوال، كالأمراض المعدية والتحصينات الوقائية”.
ومن هنا فينبغي على الدعاة والمؤسسات الوطنية ووسائل الإعلام القيام بالدور الفعال في المساهمة بالتوعية بأهمية الحملة والاستجابة لها لتفادي مخاطر هذا الداء, كما ينبغي التوعية بالمنهج الإسلامي في بناء السلامة الجسدية والنفسية لتفادي الأمراض من خلال العناية بالصحة.
وتابع الدكتور قائلا لم تكن عناية الإسلام بالصحة أقلَّ من عنايته بالعلم؛ ذلك أن الإسلام يبني أحكامه على الواقع، والواقع أنه لا عِلم إلا بالصحة، ولا مال إلا بالصحة، ولا عمل إلا بالصحة، فالصحة رأس مال الإنسان، وأساس خيره و سعادته, فضلاً عن وجوب الاخذ بأسباب التداوي لتحقيق الصحة البدنيَّة وتفعيل الوقاية الصحية.. فالإسلام يُبيح للمسافر أن يفطر في رمضان؛ حتى لا تجتمع مشقَّة السفر مع مجهود الصوم، فتَضعُف القوة، وتُفقَد المناعة، وكذلك يُبيح للمريض أن يُفطر؛ حتى لا يزداد مرضه بالصوم وعدم الغذاء.
واضاف يُباح لمن خاف المرض، وتأخُّرَ البُرءِ باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل – أن يتَيَمَّم، وهذا كله من قَبيل الحِمْيَة عما يُؤذي، ومن هذا القبيل تحريم الخمر والخنزير، والإسراف في الأكل والشرب، وما إلى ذلك من كل ما يَضرُّ ويؤذي, كما أباح للمُحرم إذا طرأ عليه مرضٌ، أو وجد برأسه أذًى – أن يَحلق رأسه، ويُزيل شَعثه مع تمام إحرامه، فتَزول الأبخرة المُؤذية، وهذا من قبيل استفراغ المواد الفاسدة.
و جاء التحذير من العدوى، والأمر بعزْل المرضى عن الأصِحَّاء؛ “إذا سمِعتم بالطاعون بأرضٍ، فلا تدخلوها، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم فيها، فلا تَخرجوا منها”.
وفي النهاية لابد من تفعيل مبدأ الوقاية خير من العلاج كمبدأ إسلامي للمحافظة على صحة الإنسان والمجتمع.
نسأل الله الإخلاص والقبول، ونسأله جل وعلا أن يحفظ مصر و أهلها من كل شر و مكروه، فهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock