
التراحم الذاتي: أن تكون لطيفًا مع نفسك
جريدة مصر المحروسة
التراحم الذاتي: أن تكون لطيفًا مع نفسك
كتبت /فاطمة مصطفي
في عالم يزداد تسارعًا وضغطًا يومًا بعد يوم، نميل إلى أن نكون أكثر صرامة مع أنفسنا، نجلدها على الأخطاء، ونقلل من إنجازاتنا، ونقارنها بالآخرين دون رحمة. نادراً ما نتوقف ونسأل: هل أُعامل نفسي كما أُعامل من أحب؟ هنا تبرز أهمية التراحم الذاتي.
ما هو التراحم الذاتي؟
التراحم الذاتي هو القدرة على التعامل مع النفس بلطف وتفهّم في لحظات الألم أو الفشل، بدلاً من اللوم القاسي أو الانتقاد الداخلي المستمر. هو أن تقول لنفسك: “من الطبيعي أن أخطئ، من حقي أن أرتاح، أنا أستحق الدعم مثل أي إنسان آخر.”
مكونات التراحم الذاتي
وفقًا للأستاذة والباحثة كريستين نيف، يتكون التراحم الذاتي من ثلاث ركائز أساسية:
1. اللطف مع الذات: أن نعامل أنفسنا كما نعامل صديقًا مقربًا نمرّ معه بلحظة ضعف، لا أن نجلد أنفسنا بلا رحمة.
2. الإنسانية المشتركة: أن نتذكّر أننا لسنا وحدنا، وأن الألم والفشل جزء طبيعي من التجربة الإنسانية.
3. الوعي الذاتي (اليقظة): أن نلاحظ مشاعرنا السلبية دون إنكارها أو المبالغة في تضخيمها.
لماذا نحتاج إلى التراحم الذاتي؟
لأننا بشر ولسنا آلات. التوقع بالكمال دائمًا يرهقنا ويدفعنا للقلق والتعب المزمن.
لأنه يساعدنا على الشفاء النفسي والنمو بعد التجارب الصعبة.
لأنه يحسّن الصحة النفسية ويقلل من معدلات الاكتئاب والتوتر.
لأنه يعزز المرونة العاطفية، فننهض بعد السقوط بدلاً من أن نبقى عالقين في دائرة جلد الذات.
كيف نمارس التراحم الذاتي عمليًا؟
عندما تخطئ، بدل أن تقول “أنا فاشل”، جرّب أن تقول: “أنا أخطأت، وهذا طبيعي، وسأتعلم.”
دوّن رسالة دعم لصديق يمرّ بما تمرّ به، ثم اقرأها لنفسك.
توقّف كل يوم لبضع دقائق، وضع يدك على قلبك، وتنفس بعمق، وذكّر نفسك: “أنا أستحق الحب والرحمة.”
راقب صوتك الداخلي، وحاول أن تستبدل العبارات القاسية بكلمات تشجيع.
التراحم الذاتي ليس ضعفًا
كثيرون يظنون أن التراحم الذاتي نوع من “الاستسلام” أو “التحجّج”، لكنه في الحقيقة قوة ناعمة تمنحنا التوازن بين الاعتراف بالخطأ والرغبة الصادقة في التقدم.
ختامًا
التراحم الذاتي ليس رفاهية نفسية، بل هو ضرورة للعيش بسلام مع الذات. لا أحد فينا كامل، لكن كلّنا نستحق أن نُعامل بلطف، أولاً من أنفسنا. فلنُدرّب أنفسنا على أن نكون أوفى الأصدقاء لذواتنا، فالتغيير يبدأ من الداخل.